معمارية البرمجيات الموزعة
معمارية البرمجيات الموزعة هي القلب النابض لعصر الحوسبة الحديث، ومفهوم رئيسي في علوم الحاسوب وهندسة البرمجيات، وتم تطوير هذه الأنظمة للتعامل مع المشاكل المعقدة في النظام من خلال توزيعها على عدة أجهزة أو نقاط أحمال (Nodes)، وفي هذا المقال سوف نناقش تعريف الأنظمة الموزعة، وخصائصها، وطرق تنفيذها.
خصائص معمارية البرمجيات الموزعة
الأنظمة الموزعة هي مجموعة من أجهزة الحاسوب المستقلة أو نقاط الأحمال التي تعمل بشكل جماعي لتحقيق هدف محدد، أو حل مشكلة معينة، أو القيام بمهمة ما، وعلى عكس الأنظمة المركزية، حيث يقوم جهاز حاسوب واحد بالتعامل مع كل المهام، فتوزيع المهام يحقق قابلية التوسع، وزيادة أداء البرمجيات.
- التزامن (Concurrency): تتضمن البرمجيات الموزعة العديد من العمليات والمكونات التي تعمل بشكل متزامن، مما يؤكد على ضرورة إدارة التزامن والتعاون بين تلك العمليات.
- التواصل (Communication): تتواصل نقاط الأحمال في الأنظمة الموزعة من خلال آليات مختلفة، مثل: تمرير الرسائل (message passing)، واستدعاء الإجراءات عن بعد (remote procedure calls (RPCs))، وخدمات الويب (web services).
- الشفافية (Transparency): تهدف الأنظمة الموزعة إلى إخفاء التفاصيل المعقدة الخاصة بالأجهزة والشبكة، وتوفير الشفافية في الموقع الجغرافي، والوصول، والانتقال، والفشل.
- التسامح مع الخطأ (Fault Tolerance): تم تصميم هذا النوع من البرمجيات للتعامل مع مشاكل الأجهزة والبرامج بسلاسة، وضمان التشغيل بدون انقطاع.
- قابلية التوسع (Scalability): يمكن التوسع بشكل أفقي في هذه المعمارية عن طريق إضافة عدة نقاط أحمال أخرى، لمساعدة البرنامج في تحمل الزيادة في طلبات العملاء.
- التناسق والنسخ (Consistency and Replication): تحليل وتحسين تناسق وتطابق البيانات في البيئات الموزعة قد يشكل تحديا كبيرا لمعظم الشركات، وتقنيات مثل نسخ البيانات في عدة أماكن للتأكد من توفر البيانات تساعد في تحقيق ذلك التناسق وإدارته.
- الأمان (Security): من أكثر الأمور التي تحدث قلقا في البرمجيات، لذا تستخدم معمارية البرمجيات الموزعة بعض المقاييس الهامة لقياس مدى أمان البرنامج، مثل: التشفير (encryption)، والمصادقة (authentication)، والتحكم في الوصول (access control)، لحماية البيانات والموارد.
- توازن الأحمال (Load Balancing): يتم تطبيق استراتيجيات الأحمال الموزعة على النقاط، مما يحسن من جودة استخدام الموارد.
- الخوارزميات الموزعة (Distributed Algorithms): تعتمد الأنظمة الموزعة على بعض الخوارزميات لحل مشاكل التعاون والإجماع بين النقاط.
نماذج التواصل في معمارية البرمجيات الموزعة
تحدد نماذج التواصل طريقة تفاعل النقاط أو المكونات مع بعضها وتناقل المعلومات في الأنظمة الموزعة، وتساهم هذه النماذج بشكل كبير في فعالية توزيع البرمجيات.
نموذج الطلب والاستجابة Request-Response Model
في هذا النموذج ترسل نقطة معينة (العميل) طلب إلى نقطة أخرى (الخادم) وتنتظر استجابة تلك النقطة، ويتبع ذلك النموذج النمط المتزامن حيث يبدأ العميل بالفعل، ويعالج الخادم هذا الطلب، ثم يوفر للعميل الاستجابة التي يريدها.
ينتشر استخدام هذا النموذج في معمارية العميل والخادم (client-server architectures) والتي تعتبر من معمارية البرمجيات الموزعة الأكثر شهرة واستخداما في صناعة البرمجيات، حيث يرسل العميل طلبا بالخدمات أو البيانات المطلوبة إلى الخادم، مثال: يقوم المتصفح بجلب صفحات الويب.
من مميزات نموذج الطلب والاستجابة السهولة، وسلاسة التنفيذ، والتحكم المباشر في طرق التواصل، بينما تمثل تحديات ذلك النموذج في حظر السلوك والتي قد تؤدي إلى نزاع البرامج على الموارد المحددة، مما يقلل سرعة استجابة النظام.
نموذج النشر والاشتراك Publish-Subscribe Model
يسمح هذا النموذج للنقاط بالتوصل من خلال مواضيع الرسائل، حيث يقوم الناشرين (النقاط التي تولد أحداث أو بيانات) بإرسال رسائل إلى مواضيع معينة، ويستقبل المشتركون (النقاط التي تهتم بهذه المواضيع) الرسائل بدون التفاعل المباشر مع الناشر.
ويستخدم النموذج كحالة رئيسية في معمارية الأحداث الموجهة (event-driven architectures)، وأنظمة IOT، وبرامج الإرسال اللحظي، مثل (واتساب، ويوتيوب)
من مميزات النموذج الاقتران المتسع، وقابلية التوسع، وفك الترابط بين المنتجين والمستهلكين، ومن تحدياته ضمان تسليم الرسائل إلى المشتركين، واحتمال فقدان الرسئل في الشبكات الغير موثوقة.
صفوف الرسائل Message Queues
توفر تلك الصفوف التواصل الغير المتزامن عن طريق السماح للنقاط بإرسال رسائلها إلى صفوف، ويتم ترتيب تلك الرسائل حسب أولوية إرسالها في صف واحد لكي يتم استهلاكها من قبل النقاط الأخرى.
تستخدم هذه الطريقة في توزيع المهام داخل معمارية البرمجيات الموزعة، وتسوية الأحمال بين النقاط، كما تستخدم كأماكن للتخزين (Buffers) في الكثير من الأنظمة الموزعة.
تتميز بعدم التزامن، وتوازن الأحمال، وتسليم الرسائل الموثوقة، بينما تواجه بعض المصاعب في ترتيب الرسائل، واحتمال تكرار الرسالة، وإدارة أحجام الصفوف.
استدعاء الإجراءات عن بعد Remote Procedure Call (RPC)
من نماذج التواصل، ويسمح لبرنامج ما باستدعاء إجراء أو وظيفة معينة من برنامج آخر أو نقطة أخرى، حيث يوفر طريقة للمكونات الموزعة لتنفيذ الكود عن بعد بناء على شروط معينة.
تستخدم نماذج استدعاء الإجراءات عن بعد في الكثير من معماريات التوزيع المختلفة، مثل: الحوسبة الموزعة (distributed computing)، ومعمارية الخدمات الدقيقة (microservices)، وأنظمة العميل والخادم (client-server systems).
تتميز بتجريد التفاعلات عن بعد، وسهولة الاستخدام، ومعرفة المطورين بتلك التقنية، بينما تواجه بعض التحديات مثل: تأخر الشبكة، والتسامح مع الأخطاء، وضمان العجز في طرق الاستدعاء.
نموذج تمرير الرسائل Message-Passing Model
من نماذج معمارية البرمجيات الموزعة، ويتضمن تواصل النقاط مع بعضها من خلال الرسائل، وتحتوي تلك الرسائل على البيانات أو التعليمات الخاصة للنقاط الأخرى، ويمكن إرسالها بشكل متزامن أو غير متزامن، كما تستخدم بشكل أساسي في الأنظمة الموزعة، وتشكل قاعدة رئيسية لأنماط وقواعد التواصل.
من مميزات هذا النموذج المرونة، ودعم الإرسال المتزامن والغير متزامن، وتغليف البيانات بشكل آمن، بينما يواجه عقبات في توجيه الرسائل، وتسليم الرسائل، والتعامل مع أنماط التواصل المختلفة.
نموذج تدفق البيانات Data Streaming Model
مفهوم تدفق البيانات يمكن تعريفه على أنه عملية استمرار تدفق البيانات في الوقت نفسه من المنتج إلى المستهلك، حيث يتم معالجة تلك البيانات واستهلاكها بشكل تدريجي عند وصولها، مما يوفر إمكانية التحليل والمعالجة في الوقت نفسه (Real-Time).
يستخدم النموذج في معمارية البرمجيات الموزعة من خلال تحليل البيانات في الوقت نفسه (real-time data analytics)، وأنظمة المراقبة (monitoring systems)، والبرامج التي تتطلب تأخر عمليات معالجة البيانات.
يتميز في استنتاج المعلومات في الوقت نفسه، وقابلية التوسع، ومعالجة البيانات ذات الأحجام الكبيرة، بينما يواجه بعض التحديات، مثل: ترتيب البيانات، وصعوبات معالجة البيانات المتدفقة، وإدارة سرعة البيانات.
الحوسبة السحابية في الأنظمة الموزعة
توفر الحوسبة السحابية وصول إلى موارد الحوسبة على حسب الطلب، مثل: الخوادم، وسعات التخزين، والشبكات، وكل ذلك عبر الإنترنت، ويمكن تنفيذ أساليب معمارية البرمجيات الموزعة على الأنظمة والخدمات السحابية والاستفادة من مميزاتها لتوسيع نطاق البرنامج، وتحسين التكاليف، وتحسين توفر البيانات.
يوفر مقدمو الخدمات السحابية، مثل: AWS, GCP, Azure بنية تحتية قابلة للتوسع، وخدمات يمكن إدارتها بسهولة، ووصول عالمي، مما يجعلها من الخدمات المهمة في نشر البرمجيات وإدارة الأنظمة الموزعة بكفاءة.
فهم أساسيات ومبادئ الأنظمة الموزعة يساعد الشركات في بناء أنظمة آمنة، وقابلة للتوسع على حسب الطلب، ويمكن إدارتها بسهولة، والتعامل مع المشاكل بشكل مستقل بدون تأثر عمليات التشغيل، كما توجد بعض التحديات في تطبيق تلك الأساليب والتقنيات والتي يمكن تفاديها بمعرفة الممارسات الصحيحة للتنفيذ وتطبيقها في البرنامج.